استخدام برامج التوازن الاقتصادى وعقود الاوفسيت لتعميق الصناعة المصرية :رؤية وبرنامج مقترح فى ضوء الدروس المستفادة من اهم التجارب الدولية / The use of economic balance programs and offset contracts to deepen Egyptian industry vision and proposed program in the light of lessons learned from international best practices
الخلاصة
يواجه تعميق التصنيع المحلي العديد من العقبات، خاصة ضيق السوق المحلي، وقلة فرص التصدير، وصعوبة الحصول على التكنولوجيا. وفي ظل وجود حيز مالي محدود لدى الموازنة العامة المصرية لتمويل متطلبات تعميق الصناعة، خاصة في ظل ارتفاع معدلات الدين الخارجي، فإن الأمر يتطلب البحث عن أساليب جديدة لتوفير متطلبات تعميق الصناعة المحلية. ومن بين السبل الممكنة استخدام ما يعرف ببرامج التوازن الاقتصادي وعقود الأوفسيت. وتوضح هذه الورقة ما يمكن لعقود الأوفسيت تحقيقه من منافع وقيمة مضافة للاقتصاد وللصناعة المحلية، فضلًا عن فرص لتعميق التصنبع المحلي. كما تقدم الورقة رؤيةً محددةً وبرنامجًا واضحًا لاستخدام برامج التوازن الاقتصادي وعقود الأوفسيت في مصر من أجل تحقيق تعميق التصنيع المحلي، وذلك في ضوء النتائج والدروس التي أفرزتها خبرات الدول الأخرى.
تسعى عقود الأوفسيت لربط توريد المشتريات الحكومية للأغراض المدنية أو العسكرية بمهام يتعهد الموردون بتحقيقها. ومنها المساعدة في تصدير منتجات محلية، أو نقل التكنولوجيا، أوالاستثمار في الاقتصاد المحلي، أو التصنيع المشترك، أو إتاحة فرصة لاستخدام مكونات محلية بنسبة معينة في هذه المشتريات، أو تدريب الكوادر المحلية، وما إلى ذلك. وبرغم إيجابيات عقود الأوفسيت، فإن لها بعض العيوب والسلبيات من الناحية الاقتصادية والقانونية. وهو ما يجعل البعض لا يفضل استخدامها أو يطالب بجعل استخدامها في أضيق الحدود، كحاجة الحكومة لتبرير قيامها بالشراء من مورد معين أو من مورد أجنبي، أوارتفاع التكلفة في صفقات المشتريات الحكومية التي تتضمن عقودًا للأوفسيت. غير أن وزن هذه السلبيات يتضاءل في ضوء الانتشار الواسع لهذه العقود في الدول المتقدمة والدول النامية على السواء.
وتشير أهم التجارب الدولية في مجال استخدام عقود الأوفسيت إلى أنه لا يوجد برنامج توازن اقتصادي أو عقد أوفسيت نموذجي، ولكن كل دولة تبلور برنامج يناسب ظروفها، وتحدد شروط عقود الأوفسيت بما يحقق مصالحها، مع وجود مرونة لتحقيق التوافق مع الموردين، ويفضل أن يكون لبرنامج التوازن الاقتصادي وعقود الأوفسيت أهداف وأولويات محددة، مع ضرورة وضع مؤشرات لقياس مدى تحقيق هذه الأهداف، ولابد من وجود جهة رسمية لتطبيق برامج التوازن الاقتصادي والإشراف على تنفيذ عقود الأوفسيت، كما تحتاج هذه العقود إلى شركاء محليين مؤهلين للمشاركة في عقود الأوفسيت من الباطن. وفي ضوء الدروس المستفادة من هذه التجارب، تحتاج مصر إلى برنامج للتوازن الاقتصادي وعقود الأوفسيت كمدخل لتعميق الصناعة، ولتنمية الصادرات، ولخلق فرص العمل، ولجذب الاستثمارات، ولتوطين التكنولوجيا الحديثة، وغيرها من الأهداف، وبخاصة مع ضخامة فاتورة المشتريات الحكومية للسلع والخدمات، ووجود عدد كبير من عقود المشتريات الحكومية مع شركات أجنبية في مجالات كثيرة.
ولنجاح برنامج التوازن وعقود الأوفسيت في مصر، لابد من توفر مجموعة من الشروط، من أهمها تصميم البرنامج وما يتضمنه من أهداف وشروط بشكل دقيق، ووفق الدروس المستفادة من التجارب الدولية، وصياغة البرنامج وشروط عقود الأوفسيت بالتعاون بين جميع الوزارات، وأن ينصب تركيز البرنامج على الشراكة الصناعية ونقل التكنولوجيا مع الشركات الصناعية الكبرى في العالم، وتوفير قوى عاملة ذات مهارات عالية لتطوير الصناعات والتكنولوجيا التي يتم توطينها ونقلها، وأن يتم الإعلان عن تطبيق البرنامج وشروط التعاقد بالتوازي مع الإجراءات الخاصة بالشراء والتوريد، وأن يتسم البرنامج وعقود الأوفسيت بالمرونة الكافية، مع وضع معايير ومؤشرات لقياس مدى النجاح في تحقيق الأهداف المحددة.
ويتضمن البرنامج المقترح عددًا من الإجراءات التنفيذية، تتمثل في قيام الحكومة بالبدء في صياغة برنامج مصري للتوازن الاقتصادي وعقود الأوفسيت، وإرساء الإطارين التشريعي والمؤسسي اللازمين لتطبيق البرنامج والعقود، من أجل الاستفادة من العلاقات الاقتصادية مع الشركاء الاقتصاديين في تحقيق العديد من الأهداف التنموية الأساسية، ومنها تعميق التصنيع المحلي. ويقترح تشكيل لجنة تضم وزارات الدفاع والتجارة والصناعة والمالية والتخطيط، والبنك المركزي، وذلك لوضع الملامح العامة لبرنامج التوازن الاقتصادي ولسياسة استخدام عقود الأوفسيت في المناقصات الدولية للمشتريات الحكومية المصرية العسكرية والمدنية. كما يقترح تكليف لجنة فنية من الخبراء والمتخصصين من الجهات المشاركة في هذه اللجنة للبدء في صياغة الإطارين التشريعي والمؤسسي اللازمين، ولمساعدة اللجنة في عملها، وصياغة التشريعات المطلوبة. ويتضمن البرنامج المقترح إنشاء مجلس أعلى للتوازن الاقتصادي، ليكون الكيان الحكومي المعني بالإشراف على تنفيذ البرنامج وعقود الأوفسيت، وإقرار القواعد التي تنظم عمله، وتأسيس شركة قابضة للتوازن الاقتصادي، تكون بمثابة الذراع الاستثماري للبرنامج، على أن تركز على إقامة مشاريع وأعمال مرتبطة بالصناعات الرقمية الحديثة، من خلال الشراكة الصناعية مع الشركات الصناعية الكبرى في العالم، وذلك من أجل دعم نمو الصناعة وتعميق التصنيع المحلي. ويقترح أيضًا إنشاء اتحاد لشركاء برنامج التوازن الاقتصادي وعقود الأوفسيت المصري، على أن يضم الشركات المحلية والأجنبية ذات العلاقة بعقود الأوفسيت، وذلك للعمل كمنتدى لبناء شراكات بين هذه الشركات، وتقديم مبادرات وأفكار جديدة لتطوير البرنامج.
كلمات مفتاحية: عقود الأوفسيت- تصميم العقود- المؤسسات والإجراءات التنفيذية. Deepening industrialization faces many obstacles. They include the tight domestic market, lack of export opportunities, and the difficulty of obtaining technology. In light of the limited financial space in Egypt’s budget, especially in view of the heavy burden of external debt, it is necessary to find new methods to provide the funds needed for industrial deepening. One possible method which this paper advocates is offset contracts. Foreign companies which sign contracts for providing the government with military and/or civilian products would enter into offset contracts whereby they agree to provide the contracting country with additional benefits such as increasing investments, transfer of technology, co-manufacturing, promoting exports, etc. International experience in this field do not reveal a preferred pattern or model. However, it is noticeable that developing countries’ governments tend to focus on a specific goal or a limited number of goals- of which the most frequent goal is technology transfer.
In spite of their positive aspects, offset contracts may involve some economic and legal disadvantages, such as the need for the government to justify its purchase from a specific foreign supplier, and the probability of higher cost and increased risk. Nevertheless, such defects may not be so serious, given the widespread use of offset contracts by developed and developing countries. It is estimated that around 130 countries do resort to offset contracts in their government purchases, and that 30% of world trade could be attributed to offset contracts.
The most important international experiences in using offset contracts indicate that there is no uniform offset contract, and that each country negotiates a contract that fits its conditions and interests. It is preferable to have an offset contract with well-defined specific goals, and to develop indicators for measuring the extent to which these goals are achieved. There must be an official body to supervise the implementation of offset contracts, including selection of local partners who are qualified to participate in sub-offset contracts. Given the lessons learned from international experiences, and in view of its huge volume of government procurements, Egypt would benefit from an offset contracts program in the areas of technology transfer, deepening industry, enhancing exports, creating jobs, and attracting FDI.
Success of the offset program in Egypt requires that a set of conditions must be met. The most important condition is to properly design the program and its objectives in accordance with the lessons learned from international experience, and to formulate the program goals and the terms of offset contracts in a cooperative way by all ministries. Special emphasis should be placed on industrial partnership, transfer of technology, and the upgrading of skills. Offset contracts should be sufficiently flexible, and appropriate standards and performance indicators must be set.
The proposed program for offset contracts includes a number of implementation measures. They include establishing the legislative and institutional frameworks necessary to implement the program and contracts, and to reap their developmental benefits, especially those relating to deepening local industrialization. It is proposed to form a ministerial committee which includes the Ministry of Defense, the Ministry of Trade and Industry, the Ministry of Finance, the Ministry of Planning, and the Central Bank, in order to lay out the general features of the program, and the policy of using offset contracts in international tenders for the government’s military and civil purchases. A technical committee of experts and specialists from the entities participating in the ministerial committee should be entrusted with the drafting of the necessary legislative and institutional frameworks, as well as assisting the ministerial committee in its work. The proposal includes establishing a supreme council for economic balance and offset contracts, which should be regarded as the government entity concerned with overseeing the implementation of the program and offset contracts, and to approve the rules governing its work.
The program includes establishing a holding company for economic balance, which would act as the investment arm for the offset program. Its mandate would be establishing projects and businesses, especially those related to modern digital industries, through industrial partnership with international industrial companies, in order to promote industrial growth and deepen local industrialization. Finally, an association of local and foreign companies involved in the offset contracts should be founded to act as a forum for building partnerships between these parties and for formulating new initiatives for the development of the program.
Keywords: Offset contracts- Contract design- Institutions and implementation procedures.