التوجه التصديري للزراعة المصرية بين الواقع والطموح
الخلاصة
تعد تنمية الصادرات الزراعية من أهم أهداف مخططي السياسات الزراعية في مصر، ورغم ما تبذله الدولة من جهود كبيرة للنهوض بها، فإن كميتها وقيمتها مازالت تقل كثيراً عن نظيرتها بالعديد من الدول المنافسة، وعن الامكانيات والفرص المتاحة.
ويرجع ذلك إلى وجود العديد من التحديات التي تواجه تسويق الصادرات الزراعية محلياً وخارجياً، وقد فاقمت تداعيات الحرب الروسية –الأوكرانية من الآثار السلبية التي تواجه الصادرات الزراعية المصرية.
ولتعزيز تلك الصادرات اقترحت الورقة مجموعة من السُبل والآليات المتعلقة بالجوانب المؤسسية، وبالتسويق الداخلي والخارجي للصادرات الزراعية، وذلك بجانب اقتراح بعض السياسات والإجراءات الحكومية الأخرى المعززة للعملية التصديرية.
تهدف الورقة إلى بيان الوضع الحالي للصادرات الزراعية واتجاهات تطورها، ورصد الفرص والتحديات أمام النهوض بها، وتداعيات الحرب الروسية -الأوكرانية عليها، وذلك بجانب طرح مجموعة من الآليات والسُبل أمام متخذي القرارات وواضعي السياسات لمواجهة التحديات، والنهوض بالصادرات الزراعية.
رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة المصرية للنهوض بالصادرات الزراعية فهي مازالت أقل كثيراً من الإمكانيات المتاحة، ومن مثيلتها للدول المنافسة. حيث تواجه الصادرات الزراعية العديد من التحديات منها مشكلات متعلقة بالتسويق المحلي، وأخرى بالتسويق الخارجي. وقد تضمنت المشكلات المحلية غياب تواصل المصدرين مع صانعي السياسات، وضعف الروابط بين حلقات السلاسل التصديرية، وغياب المعلومات والبيانات المتعلقة بالتسويق، وقصور التمويل المخصص لصغار ومتوسطي المزارعين التصديريين، ونقص بعض مستلزمات الإنتاج كالأسمدة الكيماوية. أما مشكلات التسويق الخارجي فيأتي على قمة أولوياتها: صعوبات الشحن والتي تتمثل في عدم توافر أسطول وطني للنقل البحري، وغياب مراكب الشحن السريعة، وعدم توافر فراغات (سعات) بالشحن الجوي، وارتفاع تكلفة نولون الشحن.
نالت الأثار السلبية لتداعيات الحرب الروسية -الأوكرانية قطاع تصدير الحاصلات الزراعية، والتي تمثلت في اضطراب سلاسل الإمداد العالمية، وارتفاع تكاليف الشحن البحري، وتباطؤ النقل البري، وارتفاع الأسعار العالمية للطاقة، وارتفاع أسعار الأسمدة الكيماوية، وارتفاع التضخم العالمي، وسعر الفائدة العالمية.
ومع ذلك فقد كان لتداعيات الحرب آثارها الإيجابية على الصادرات الزراعية والتي تمثلت في فتح المزيد من الأسواق الجديدة أمام الصادرات التقليدية وغير التقليدية، والإحلال محل صادرات العديد من الدول التي تأثرت بالحرب أو بالتغيرات المناخية غير المواتية. كما أن انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار كان دافعاً لتشجيع المصدرين على زيادة حجم وقيمة صادراتهم من السلع الزراعية إلى الأسواق الخارجية.
وفيما يتعلق بسُبل وآليات النهوض بالصادرات الزراعية المصرية اقترحت الورقة إنشاء اللجنة الوطنية العليا للنهوض بالصادرات الزراعية، وهي بمثابة كيان رفيع المستوى يمثل في إطاره كافة الجهات الفاعلة في سلسلة القيمة للحاصلات الزراعية وذلك بهدف وضع فكر موحد للنهوض بالصادرات، والآلية الثانية تتمثل في تطوير وتحديث الإدارة المركزية للحجر الزراعي، والتوسع في زراعة المحاصيل البستانية (وخاصة الجديدة منها) بأراضي المشروعات الجديدة، والتوسع في نشر منظومة التكويد على عموم المزارع والحاصلات التصديرية، وتشديد الإجراءات الرقابية على موانئ الشحن المحلية، وسرعة العمل على توفير وتسيير خطوط ملاحية سريعة ومنتظمة، والعمل على تأسيس شركة مساهمة مصرية في مجال النقل البحري، والتوسع في إنشاء المكاتب التجارية بالأسواق الخارجية. والعمل على تفعيل أداء مكاتب التمثيل التجاري، وتوقيع المزيد من بروتوكولات التعاون التجاري مع الدول التي لديها فرص لاستيراد المحاصيل الزراعية من مصر. شملت أيضاً السُبل المقترحة للنهوض بالصادرات الزراعية تسهيل عمليات تقنين الأراضي الزراعية للمستثمرين في مجال إنتاج التقاوي للحاصلات التصديرية، وتطبيق الرخصة الذهبية في مجال تصدير الحاصلات الزراعية، وزيادة التسهيلات الجمركية والضريبية والتمويلية لمنتجي ومصدري الصادرات الزراعية، وزيادة الدعم الحكومي النقدي غير المباشر لتعزيز الصادرات الزراعية، وتشجيع الاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتصنيع المنتجات الزراعية بدلاً من تصديرها في صورة طازجة. وذلك بجانب وضع السياسات التي من شأنها تفعيل الآليات المؤسسية والتنظيمية التي تعزز التكامل فيما بين التسويق المحلي، والتصديري، والتصنيع الزراعي، (بما في ذلك سياسات دعم التسويق التعاقدي، والإرشاد التسويقي)، وأهمها التعاونيات الزراعية، ومنظمات المزارعين الإنتاجية، والمنظمات التصديرية، ومنظمات المجتمع المدني.