سياسات أمن الطاقة في مصر في ظل الأزمات العالمية
Abstract
تعاني مصر من الاعتماد على مصادر الطاقة الأحفورية الناضبة في ظل محدودية الاحتياطيات المتوفرة من هذه المصادر، مقابل زيادة مستمرة في الطلب على الطاقة. وعلى الرغم من وجود مصادر عديدة للطاقة المتجددة في مصر، لم يتم الإفادة منها بشكل كامل حتى الآن.
تقوم مصر بتنفيذ عددٍ من السياسات لتحقيق أمن الطاقة واستدامتها، حيث تهدف هذه السياسات إلى زيادة الإنتاج من مصادر الطاقة المختلفة سواء التقليدية أو الجديدة والمتجددة من ناحية، وترشيد الاستهلاك من ناحية أخرى. فهي تنفذ سياسات لتحفيز الاستثمار في البحث عن مصادر الوقود الأحفوري واستكشافها، بالإضافة إلى تقديم مجموعة من الحوافز لتشجيع استخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة مثل تطبيق تعريفة التغذية للطاقة المتجددة، وتضمين قانون الاستثمار رقم (72) لسنة 2017 حوافز لتشجيع الاستثمار في مجال إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة. كما تدعم أنشطة البحث العلمي في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، وتعمل على رفع كفاءة نقل الطاقة وتوزيعها، وتنفذ مبادرات لترشيد استهلاك الطاقة. ولكن مع ذلك، تتسم بعض مؤشرات أمن الطاقة في مصر ببعض الانخفاض الذي يمكن أن يزداد مع الأزمات العالمية المتلاحقة، حيث إن تحقيق أمن الطاقة بأبعاده المختلفة يتطلب تطبيق حزمةً كبيرةً من السياسات بعضها قصير المدى، وبعضها الآخر طويل المدى. فينبغي تسريع التحول نحو مستهدفات استراتيجية الطاقة المتكاملة 2035 بخصوص مساهمة مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وذلك باستخدام أدوات السياستين المالية والنقدية لدعم صناعة وتكنولوجيات الطاقة الجديدة والمتجددة عن طريق إعطاء تسهيلات في منح القروض، والإعفاء من الضرائب الجمركية، وتمييز منتجي الطاقة المتجددة عند فرض ضرائب على الأرباح، وإعطاء تسهيلات في الحصول على الأراضي اللازمة للمصنعين المحليين، وتقديم الإعانات لدعم مدخلات عناصر الإنتاج، وتقديم الدعم لتحفيز الاستثمار في البحث العلمي والتطوير التكنولوجي لهذه الصناعة.
كذلك يمكن تأسيس صندوق لتمويل صناعة الطاقة الجديدة والمتجددة، يتم تدبير موارده المالية عن طريق طرح السندات الخضراء. كما ينبغي بناء استراتيجيةً كاملة لتصنيع تكنولوجيات الطاقة الشمسية، تتضمن دراسة لإمكانيات السوق المحلي من المواد الخام، والعمالة المؤهلة، ومصادر التمويل، وحجم الإنتاج المتوقع، واستراتيجية لتسويق هذا الإنتاج، بالإضافة إلى تحديد أدوار الفاعلين في هذه الاستراتيجية. على الجانب الآخر، من الأهمية بمكان مراجعة شروط اتفاقيات البحث والتنقيب عن الوقود الأحفوري بصفة دورية بما يوازن بين تحقيق ربح عادل للشريك الأجنبي، والحفاظ على حق مصر وأجيالها القادمة في مواردها الطبيعية من الطاقة. بالإضافة إلى محاولة البحث عن بدائل وطنية أو تعاون إقليمي للقيام بعمليات البحث والاستكشاف.
كما ينبغي اتخاذ إجراءات لتفعيل الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني لتعميق ثقافة ترشيد استهلاك الطاقة، والتعريف بالعوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي يُمكن الحصول عليها جرَّاء ترشيد استهلاك الطاقة.